سبتمبر 11، 2011

هــــويتي ؟؟؟





مما اعتدت عليه قبل أن أشرع في قراءة أي مقال أو كتاب أن أبحث عن هوية كاتبه. ولا أعني بالهوية هنا أين ولد و أين أمضى حياته؟ وإن كان موطنه يُشكل جزء من تكوينه لكن مفهومي للهوية أوسع وأعم .. فالهوية هي جملة من أراء الفرد الفكرية وانتماءاته الدينية، نظرته للحياة وطريقته في التعامل معها، شخصيات وتجارب أثّرت في حياته وأثْرتها.
 
من أنا ؟... انحدر من أسرة متعددة الجنسيات والأعراق .. خليط بين المصري والسوري و البدوي والشيشاني ، عائلتى عصبة أمم من بين هندي ونمساوي وبريطاني وبولندي وكويتي و أمريكي وسعودي و كندي.

 لا موطن لي .. فموطني هو مسكني، ولدت في الكويت وسط بيئتها المحافظة، زرت العديد من الدول فأبهرني تعدد ثقافاتها وحضاراتها، استهوتني الشام بأهلها وأصالتها ، درست واستوطنت كندا لفترة فتعلمت أهمية الإعتماد على النفس والتفكير باستقلالية وعملية، حط رحالي برهة في المدينة فأصابني ريح مِسكُها العطر، انتقلت لمصر فأدهشتني تناقضاتها، وأخيرا .. أذهلتني شجاعة أهلها ..  فعشقت حمص وحماة.

أنا تلك الطفلة التي ..  تأثرت بروح والدها المغامرة والتواقة للسفر والترحال وتفانيه في كل ما يُوكل إليه فتعلمت منه الإصرار والمُثابرة في العمل والعفوية وحب المغامرة.

 أنا تلك الشابة التي .. لم تجد رفيقا خيرا من والدتها برزانتها وجديتها وحكاياتها عن الماضي وحديثها عن التاريخ فزرعت في نفسها الفخر والعزة بهويتها وإنتماءها. 
فنشأت في أسرتها بين دفع للأمام للإنطلاق والعمل وبين جذب الماضي بجذوره وأصالته وضوابطه مع التطلع الدائم للسماء.

أنا تلك الزوجة التي .. تربت على عين زوجها فارتوت من ينبوع علمه الواسع الصافي ونهلت من نهر تجاربه المتعددة وخبراته المتنوعة في الحياة، فكان لها نِعم المُعلم ونِعم الصديق.

أنا تلك الأم التي .. أحسّت بفداحة المسؤولية المُلقاة على عاتقها ورفضت تسليمها لمن ينوب عنها من مدْرسة أو مُدرّس فآثرت استثمار جهدها المُقِلً  وخبرتها المتواضعة ووقتها لتربية وتعليم أبناءها على عينها بعيدا عن المتناقضات، فعاشت معهم تجربة فريدة من نوعها وعت من خلالها معنى الأسرة وترابطها، وآمنت بضرورة تحديد أولويات الحياة .. وشكل لها أبناءها باختلاف ميولهم وتنوع اهتماماتهم تحدي مستمر جعلها في سعي دائم للتعلم لمحاولة اللحاق بركبهم ... فقطفت من ثمار تلك التجربة أكثر بكثير مما أعطتها، وذلك بفضل الله ومنته عليها.
   
ومازالت الأيام تتوالي ويأتي كل يوم بتجربة جديدة نتعلم منها، نستخلص العبر، تُثري من نحن فتُعيد تحديد هويتنا وتجددها ...

... بقلم حُرة

هناك تعليق واحد: